البيض مادة استهلاكية بامتياز
يعتبر البيض من أكثر الأطعمة استهلاكا في العالم، حيث تقدر الدراسات نسبة استهلاكه كل سنة ولكل فرد في هذه البسيطة ب 9.6 كلغ (2016) (1). وإذا ما افترضنا أن كل البيض المستهلك مصدره الدجاج وأن معدل وزن كل بيضة هو 63 غرام، فمجموع ما يأكله كل واحد منا كل عام يقارب 152 بيضة، أي ثلاثة بيضات في الأسبوع.
المعدل مقبول صحيا مع الإشارة إلى أن هذه الحسابات تبقى تقريبية فقط، وقد تتغير حسب عدة عوامل جغرافية واقتصادية وثقافية.... لكنها بالتأكيد تعطينا فكرة واضحة على حجم استهلاك مادة البيض التي يمكن اعتبارها أساسية في منظومة الطعام على مستوى العالم.
البيض مادة حيوية
يحتوي البيض على مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية الأساسية التي يمكن تلخيصها فيما يلي :
البيض مصدر أساسي للبروتينات ذات الكفاءة الغذائية الكاملة والعالية جدا :
يحتوي أصفر البيض على مادتين مضادتين للأكسدة
وبالتالي فهما تقيان من الإصابة من بعض السرطانات كسرطان الثدي (2)، والمياه البيضاء، وتأخير ترهل العضلات وباقي أعراض الشيخوخة. الدراسات تفترض أيضا مقاومة البيض لظهور أمراض القلب والشرايين عبر التخفيض من إفراز الكوليسترول الضار وأيضا الوقاية من تصلب الشرايين (3). بالمناسبة، هاتان المادتين هما المسؤولتان عن اللون المميز لأصفر البيض.
يحوي أصفر البيض على مادة الكولين
وهو عنصر غذائي أساسي لنمو الدماغ وخصوصا الذاكرة. لذلك ننصح النساء الحوامل بالمواظبة على تناول البيض خصوصا خلال الأشهر الأولى من الحمل.
البيض يحتوي أيضا على مجموعة متنوعة من الفيتامينات والمعادن :
البيض غني حد التخمة بالسيلينيوم المضاد للأكسدة والمحفز لاشتغال الغدة الدرقية. كما يعتبر مصدرا مهما للفيتامينات من نوع "ب" (12،9،5،2) و "أ" و "د" و "ه". دون أن ننسى الفوسفور الضروري لصلابة العظام والأسنان وَ الزنك المحفز للمناعة وَ الحديد المضاد لفقر الدم،... إنه فعلا كنز غذائي بامتياز.
البيض يساعد على التخلص من الوزن الزائد :
ربما هذه المعلومة مثيرة للاستغراب، لكنها الحقيقة (4) : حيث ثبت أن للبيض فائدتان اثنتان في هذا المجال، حيث أنه :
- يساعد على الإحساس بالشبع بسرعة
- لا يحوي سعرات حرارية كثيرة حيث تصل في المعدل إلى 75.000 سعرية حرارية، أي حوالي نصف السعرات الحرارية التي تحويها علبة 33 سل من المشروب الغازي الأسود المعروف.
لذلك تبين أن الانتظام في تناول بيضة كل يوم خلال موعد الغذاء، قد يساعد على تفادي استهلاك 400.000 سعرة حرارية يوميا، أي إمكانية فقدان 1.3 كلغ كل شهر، فقط بتناول البيض!!!
البيض يحتوي على الكولسترول، لكن...
لا شك أن البيض يحتوي على كمية مهمة من الكولسترول تقدر ب 300 ملغ كمعدل، وهي النسبة التي يحتاجها الجسم في اليوم من هذه المادة الضرورية. لكن هل تناول أكثر من بيضة يوميا – مع احتمال تناول مواد غذائية أخرى غنية بالكولسترول – يؤدي إلى ارتفاع نسبة خطورة الإصابة بمضاعفات أو أمراض الجهاز الدوراني؟
الجواب لا يبدو بديهيا كما كان عليه الحال سابقا: وأقصى ما استطاع العلماء الاتفاق عليه هو أنه " منذ خمسين عاما، وعلى الرغم من كل الدراسات الوبائية، لم يكن بالاستطاعة إثبات - بما لا يدع مجالا للشك - العلاقة بين استهلاك الكولسترول الغذائي وارتفاع مستوياته في الدم، أو الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية. وعليه فإنه لا يجب التركيز على هذه النقطة خلال حملات الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية " (5)
حذار من الاستهلاك المفرط للبيض !
تبقى هناك حالتان فقط لا ينصح فيهما بأكل البيض:
⏪الحساسية: يعتبر البيض، إلى جانب الحليب والفول السوداني والقشريات، من أكثر الأطعمة تسببا في ظهور الحساسية. في أغلبية الحالات يكون أبيض البيض هو السبب... ورغم ذلك، فإنه يمنع استهلاك كل البيضة لأنه يستحيل تقريبا عزل أبيض البيض عن أصفره، كما أن هناك حالات – وإن كانت قليلة – لحساسية البيض تسببت فيها بعض البروتينات الموجودة في أصفر البيض. نشير أيضا أنه – في هكذا حالات – يمنع استهلاك البيض سواء كان طريا أو مطهيا أو مسلوقا. كما لا ننصح بإعطاء البيض للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنة تفاديا لظهور مثل هذا النوع من الحساسية.
⏪التسمم الغذائي: البيض في مجمله سليم من الناحية الصحية، لكن تركيبة غشائه الخارجي تسمح بدخول بعض أنواع الباكتيريا مثل السالمونيلا أو الفيروسات مثل فيروس H5N1، خصوصا في بلادنا العربية حيث نفضل البيض البلدي الغير المراقب صحيا. وبالتالي فإننا قد نصاب ببعض الأمراض كالتهابات الأمعاء البكتيرية أو الفيروسية التي غالبا لا تمثل خطرا كبيرا على الصحة إلا في حالات معينة وعند فئات عمرية معينة مثل الأطفال وكبيري السن والنساء الحوامل... لذلك وجب الحذر وأخذ الاحتياطات اللازمة.
جدلية أفضلية البيض البلدي على البيض العادي
من الناحية الصحية والغذائية الصرفة، لا يوجد أي فرق بين البيض الذي يضعه الدجاج البلدي والبيض الذي ينتجه الدجاج "الرومي". أما الاختلافات التي تظهر للعيان، فهي تعود إلى تنوع سلالات الدجاج، وأيضا اختلاف أنواع الأطعمة التي تتغذى عليها هذه الطيور. ومن أبرز الاختلافات بين نوعي البيض البلدي والعادي:
⏪لون قشرة البيض: حيث يكون لون القشرة بنيا مع بعض الاحمرار بالنسبة للبيض العادي، وأبيضا مع بعض الصفرة بالنسبة للبيض البلدي. ويمكن تفسير الأمر باختلاف في السلالات : فالدجاج التي ينتج بيضا ذا قشرة بيضاء أصله دول منطقة البحر الأبيض المتوسط، عكس الدجاج الذي يبيض بيضا بنيا فهو مستورد من آسيا. بل نجد بيضا "بيج" وردي، وهو الأكثر انتشارا، ويبيضه دجاج يأتي من تزاوج السلالتين السابقتين.
⏪سمك قشرة البيض القاتم اللون أكبر من سمك قشرة البيض الأبيض: وذلك لنفس الاعتبارات السابقة الذكر.
⏪ شدة لون أصفر البيض تختلف حسب نوع الأطعمة التي تتغذى عليها الدواجن، بحسب إذا كان أكثر البذور التي تتغذى عليها هي القمح أو الشعير أو الذرة مثلا.
⏪نفس الاعتبارات تنطبق على الاختلاف الذي نجده في الطَعم، حيث قد يعمد بعض مربي الدواجن إلى استعمال بعض الإضافات الغذائية لتحسين مذاق البيض، رغم أن العديد منكم يفضل مذاق البيض البلدي... وتبقى تلك اختيارات شخصية.
⏪الفرق في الثمن : قد يقول البعض، ولماذا إذن، ثمن البيض البلدي هو ضعف ثمن البيض العادي ؟ الجواب ببساطة أن الطلب الكبير على البيض البلدي يقابله عرض قليل، على عكس البيض العادي الذي يتم إنتاجه بكميات صناعية وافرة لها القدرة على امتصاص الطلب المتزايد على هذا الغذاء المثالي.
فقط أشير أن الآية مقلوبة في "بلاد الروم" حيث فاتورة البيض "الرومي" أكبر من فاتورة البيض البلدي، لأن غذاء الدجاج الأول مكلف مقارنة مع الدجاج البلدي. هذه الحقيقة تبقى قائمة حتى عندنا، لكن فكرة أن البيض البلدي أثر قيمة غذائية من نظيره المُلون جعلت الأمور تنقلب رأسا على عقب.
ما يجب السؤال عنه عند اقتناء البيض
غالبا، لا يستطيع المستهلك التعرف على المنطقة التي يأتي منها البيض الذي ينوي اقتناءه، وأكثر ما يستطيع عمله هو سؤال البائع عن المصدر... في الدول الأوربية يتم ختم كل بيضة بخاتم يحوي أكوادا تشرح طريقة تربية الدجاج الذي أنتج البيض والمنطقة التي أتى منها الدجاج، وتواريخ الإنتاج وانتهاء الصلاحية، تاركا حرية الاختيار للمستهلك. نتمنى أن يتم تفعيل هذه الخطة في دولنا العربية. بالمناسبة هل هناك أية دولة عربية يتم ختم البيض فيها ؟ صراحة لا أعلم.
عكس المستهلك المغلوب على أمره، يمكن لجمعيات حماية المستهلك القيام بحملات توعوية والضغط على السلطات الوصية لمراقبة إنتاج البيض، وكيف يتم تغذية الدجاج والاهتمام به. لأنه كلما كان غذاؤه طبيعيا ويعتمد على الأطعمة النباتية، كلما كان البيض صحيا وذا قيمة غذائية عالية.
لكن الملاحظ أن بعض المربين للدجاج، سواء كان بلديا أو روميا، يقومون باستعمال بعض المنتجات التي تحوي مضادات حيوية، وإضافات غذائية وحتى هرمونات للنمو، قصد تسمين الدجاج والحفاظ على صحته والتسريع من نموه، ومن تم إنتاج بيض وفير، "جيد"، كبير الحجم، ذا قدرة أكبر على التحمل،... بما فيه مصلحة المنتج. فأين هي مصلحة المستهلك ؟
تعليقات: 0
إرسال تعليق